الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.اضطراب دولة بني هلاكو وانقسام الملك طوائف في أعمالهم وانفراد الشيخ حسن ببغداد واستيلاء بنيه معها على توريز وما كان لهم فيها من الملك والدولة وابتدائها ومصايرها. لما هلك أبو سعيد بن خربندا ملك التتر بكرسي بغداد سنة ست وثلاثين ولم يعقب نصب أمراء المغل الوزير غياث الدين وخلع أورخان ونصب للملك موسى خان من أسباطهم وقام بدولته الشيخ حسن بن حسين بن بيبقا بن أملكان وهو ابن عمة السلطان أبي سعيد سبط أرغو بن أبغا أنزله أبو سعيد بقلعة كانج من بلاد الروم ووكل به فلما هلك أبو سعيد وانحل عقاله وذهب أبو نور بن ماس عفى عليها وبلغه شأن أهل الدولة ببغداد فلم يرضه ونهض إليها فقتل علي ماسا القائم بالدولة وعزل موسى خان الملك ونصب مكانه محمد بن عنبرجى وهو الذي تقدم في ملوك التخت صحة نسبه إلى هلاكو واستولى الشيخ حسن على بغداد وتوريز ثم سار إليه حسن بن دمرداش من مكان إمارته وإمارة أبيه ببلاد الروم وغلبه على توريز وقتل سلطانه محمد بن عنبرجي ولحق الشيخ حسن ببغداد واستقر حسن بن دمرداش في توريز ونصب للملك أخت السلطان أبي سعيد اسمها صالبيك وزوجها لسليمان خان من أسباط هلاكو واستقل بملك توريز وكان يعرف بالشيخ حسن الصغير لأن صاحب بغداد كان يشاركه في اسمه وهو أسن وأدخل في نسب الخان فميز بالكبير وميز هذا بالصغير ولما استقل حسن الصغير بالملك والخان عنده عجز عنه الشيخ حسن الكبير وغلبته أمم التركمان بضواحي الموصل إلى سائر بلاد الجزيرة فيقال أنه أرسل إلى الملك الناصر صاحب مصر بأن يملكه بغداد ويلحق به فيقيم عنده وطلب منه أن يبعث عساكره لذلك على أن يرهن فيهم ابنه فلم يتم ذلك لما اعترضه من الأحوال وافترقت مملكة بني هلاكو فكان هو ببغداد والصغير بتوريز وابن المظفر بعراق العجم وفارس والملك حسين بخراسان واستولى على أكثرها ملك الشمال أزبك صاحب التخت بصراي من بني دوشي خان بن جنكزخان ثم استوحش الشيخ حسن من سلطانه سليمان خان فقتله واستبد ثم هلك الشيخ حسن الصغير بن دمرداش بتوريز سنة أربع وأربعين وملك مكانه أخوه الأشرف ثم هلك الشيخ حسن الكبير ببغداد سنة سبع وخمسين والله تعالى أعلم..أويس بن الشيخ حسن. ولما هلك الشيخ حسن الكبير ببغداد ولي مكانه ابنه أويس وكان بتوزير الأشرف بن دمرداش فزحف إليه ملك الشمال جاني بك بن أزبك سنة ثمان وخمسين وملكها من يده ورجع إلى خراسان بعد أن استخلف عليها ابنه واعتقل في طريقه فكتب أهل الدولة إلى ابنه بردبيك يستحثونه للملك فأغذ السير إليهم وترك بتوريز عاملها أخبجوخ فسار إليه أويس صاحب بغداد وغلبه عليها وملكها ثم ارتجعها منه أخبجوخ وأقام بها فزحف إليه ابن المظفر صاحب أصبهان وملكها من يده وقتله وانتظم في ملكه عراق العجم وتوريز وتستر وخوزستان ثم سار أويس فانتزعها من يد ابن المظفر واستقرت في ملكه ورجع إلى بغداد وجلس على التخت واستفحل أمره ثم هلك سنة ست وسبعين حسين بن أويس وقد خلف بنين خمسة وهم الشيخ حسن وحسين والشيخ علي وأبو يزيد وأحمد وكان وزيره زكريا وكبير دولته الأمير عادل كان كافلا لحسن ومن اقطاعه السلطانية فاجتمع أهل الدولة وبايعوا لابنه حسين بتوزير وقتلوا الشيخ حسن وزعموا أن أباهم أويسا أوصاهم بقتله وكان الشيخ علي بن أويس ببغداد فدخل في طاعة أخيه حسين وكان قنبر علي بادك من أمرائهم نائبا بتستر وخوزستان فبايع لحسين وبعث إليه بطاعته واستولى على دولته بتوزير زكريا وزير أبيه وكان إسمعيل ابن الوزير زكريا بالشام هاربا أمام أويس فقدم على أبيه زكريا وبعث إلى بغداد ليقوم بخدمة الشيخ علي فاستخلصه واستبد عليه فغلب شجاع بن المظفر على توريز وارتجعها منه وما استقل حسين بتوريز كان بنو المظفر طامعين في ولايتها وقد ملكوها من قبل كما مر وانتزعها أويس منهم فلما توفي أويس سار شجاع إلى توريز في عساكره فأجفل عنها حسين بن أويس إلى بغداد واستولى عليها شجاع ولحق حسين بأخيه الشيخ علي ووزيره إسمعيل ببغداد مستجيشا بهما فسرحوا معه العساكر ورجع أدراجه إليها فهرب عنها شجاع إلى خوزستان وحصن ملكه بها واستقر فيها.
|